غزة- معا-
عبد الله، عبد المولى، آدم ومحمد يساندهم الحزن والألم يخافون ثلاثتهم على رابعهم آدم يخشون أن يرتقي شهيداً في أي لحظة فقد استشهد باقي أفراد عائلتهم ومن قتلهم يتنصل من جريمته.
أحد أفراد العائلة ويدعى محمد حاول أن يكبت الدموع عندما رأى صورة اخرجها من جيبه، ولكن الدمعة خانته فخرجت من قلبه مصحوبة بآهة قوية حزناً على رفيق دربه.. قال لمن حوله: "هل ترون هذا علي ابن عمي هل تعرفينه يا عمتي هذا رفيق دربي وشقيقي العزيز علي لقد ذهب فمن يعيده إلي ومن يعيد لأخيه محمد الأم والأب والأهل؟".
محمد حاول أن يتماسك وقال لكافة النساء في منزل جده: "لا تبكين الشهداء ومن تبكيهم فلتخرج من بيتنا" واستند قريباً على سلم حجري وأخرج صورة العزيز على قلبه وبدأ بالبكاء خلف العيون ماسحاً بيديه على الصورة وقال: "ذهبت يا علي فمتى اللقاء؟".
عائلة جرحها كبير فقد استشهد خمسة منهم بقصفة واحدة الأب أيمن فايد "39" عاماً الزوجة مروة عزام "35" عاماً، الابنة الوحيدة بسمة "13" عاماً قالوا أنها وجدت مقطوعة الرأس والابن علي " 18" عاماً بالصف الثاني عشر كان يتمنى شهادة تؤهله للتعليم الجامعي، والطفل أيوب فقط خمسة أعوام.
أما الشاهد على الجريمة الطفل محمد "11" عاماً وجدته مصابا بالقدمين وقد رفض الأكل والشرب ولم ينم ليلته قال: "سمعت أبي يطلب من امي أن تحملنا إلى الطابق الأرضي خوفاً من طائرة تحوم بالمكان ولم نكد ننزل الدرج فكان انفجاراً هائلاً لم أشعر وإلا وأنا بالمشفى".
وتابع: "قالوا لي أبوك استشهد وأمك وأختك وأخويك لم أصدق وحتى الآن أشعر بأنني في صدمة وهناك أخي آدم 15 عاماً قالوا أنه مصاب بجراح خطرة ويقبع بالعناية المركزة فهل ذهب الجميع وتركوني أجيبوني أين ذهبوا؟" وغادر القاعة بحثا عمن تبقى من عائلته.
شقيقه الأكبر عبد الله الذي يبلغ من العمر عشرين عاماً فقط كان يوحي بالتماسك حين وجد في بيت عزاء أقامه الجيران مع بزوغ الفجر الحزين شرقي مخيم البريج حيث كانت الفاجعة بقصف منزل ذويه ولم يكن حينها بالمكان، فجلس بجانب الرجال ورأسه تحوم به الأفكار يتساءل وتبدو حيرته بعينيه " هل حقاً ذهب الجميع؟".
أما جدته رسمية ابو قمر "60" عاماً قالت: "قطعوا يد حفيدي عبد المولى قبل أيام في قصف همجي وأمس ليلاً قتلوا والديه وأخوته وتركوا قلبي فارغاً مشتاقاً لرؤياهم فيا ربي ألهمني صبراً وارحمهم وأدخلهم فسيح جناتك" وتابعت :" أيمن ابني فؤادي أتذكر حين جاء قبل يومين وسألني كالمعتاد هل لديك ترمس يا أمي؟ أما ابنتي زوجته مروة فقد كانت أغلى من روحي".
أبو قمر من بلدة يبنا هجرهم الاحتلال من بلدتهم وعاد ليعتقل زوجها الشيخ عطا الله فايد ليمكث في سجون الاحتلال 16 عاماً متتالية وحين خرج فرح قلبه بابنين وفتاة واحدة أحدهما يعمل طبيباً بروسيا والآخر لقي ربه شهيداً مع باقي أفراد أسرته.
الحاجة رسمية تقول:" أقوم على تربية أربعة من أبناء الطبيب منذ سافر واليوم يترك الشهيد لي أربعة آخرين فهذا قدرنا".
أما الجدة الثانية والدة مروة عزام فقالت:" حين سمعت أنهم قتلوا ابنتي وزوجها وأطفالها تذكرت على الفور أن اليهود قتلة الأنبياء وأنهم لا يفرقون بين طفل وسيدة ورجل فاحتسبت ابنتي وأطفالها شهداء فحسبنا الله ونعم الوكيل".
__________________